الأخبار
الخميس 31 تموز 2025
الصعوبات التي برزت في مواجهة مشروع السلطة الفلسطينية لتسليم سلاح المخيمات في لبنان، لم تلغ أصل المشروع، إذ دخلت السلطة وأركانها في رام الله، في برنامج مفتوح، لأجل تحقيق المراد بطريقة مختلفة،. وبعدما أُبلغ الجميع، من الولايات المتحدة الأميركية إلى السعودية والسلطات اللبنانية، بعدم القدرة على السير في الخطوة، وأن هناك خشية من حرب أهلية فلسطينية – فلسطينية، إلى جانب خطر اندلاع مواجهة بين الفصائل الفلسطينية والجيش اللبناني، سيما أن الجانب الرسمي اللبناني كان قد فوجئ بحماسة محمود عباس وفريقه.
وبات واضحاً أن برنامج سلطة رام الله، لم يكن، وهو ليس خارج البرنامج الأميركي – الإسرائيلي – السعودي لترتيب الوضع في لبنان والمنطقة، ما استدعى العودة خطوة إلى الخلف، ثم الانطلاق في خطة جديدة سوف تستهلك الكثير من الإمكانات والوقت، في وقت أعربت فيه السلطات اللبنانية الرسمية، الأمنية والسياسية، عن ارتفاع مستوى المخاوف من هذا البرنامج. وقد تمّ وضع الجهات الفلسطينية والجهات الدولية والإقليمية في هذه الأجواء. وقد عُقدت لقاءات بعيداً عن الأضواء تناولت هذا الملف.
في هذه الأثناء، كانت الجهات العربية تدخل بقوة على الخط، وهو أمر برز في مواقف بعض المسؤولين اللبنانيين الرسميين أيضاً. وعلمت «الأخبار» من مصادر مطّلعة، أن العمل يجري بقوة على جبهتين، واحدة فلسطينية وأخرى عربية بقيادة السعودية.
في الشقّ المتعلق بالسعودية، شرحت المصادر عناوين البرنامج السعودي بالنقاط الآتية:
أولاً: إشهار الشراكة في المشروع الذي يتولاه عباس في لبنان، وهناك تعاون مباشر وغير مباشر مع الإمارات العربية المتحدة، والهدف هو مواجهة «حماس» بوصفها أبرز أطراف «الإخوان المسلمين» في المنطقة، ولاحتواء التوسع الجماهيري للحركة في ضوء الحرب القائمة في غزة. ويظهر أن هناك تقاطع مصالح كبيراً بين ما تريده إسرائيل وأميركا من جهة، وما تريده سلطة رام الله من جهة ثانية، وما تريده دول معادية لحماس، مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ثانياً: تركّز السعودية في لبنان، على العمل الأمني المباشر، وجمع كل المعطيات عن القيادات والمراكز داخل وخارج المخيمات، إضافة إلى جمع المعطيات حول النشاط السياسي والإعلامي والعسكري الخاص بحماس. مع التشديد على محاولة الوصول إلى طبيعة العلاقات القائمة بين حماس وحزب الله وإيران.
إقالات وتعيينات أمنية والرياض مع أبو ظبي تجهدان لشقّ صفوف الجماعة الإسلامية في لبنان
ثالثاً: تقوم السعودية والإمارات بممارسة الضغوط الإضافية على أركان السلطة اللبنانية الجديدة، سواء رئيس الجمهورية جوزيف عون وفريقه السياسي، أو رئيس الحكومة نواف سلام وبعض المقرّبين، تماماً كما هو حال الموقف الذي يتبناه وزير الخارجية يوسف رجّي وبقية وزراء «القوات اللبنانية» والكتائب، إضافة إلى مسؤولين في أجهزة أمنية رسمية. وقد كان لافتاً أن الرئيس سلام هو أكثر المتحمّسين للفكرة، حتى إنه قال في إحدى الجلسات الرسمية إن حماس، هي نسخة ملطّفة عن تنظيم «داعش» الإرهابي.
رابعاً: تدعم السعودية المشروع الأميركي – الإسرائيلي لإبعاد «حماس» وقوى المقاومة الأخرى، مثل الجهاد الإسلامي من لبنان، وهي ضغطت على السلطة لأجل اتخاذ قرارات كان الأميركيون يطالبون بها، وتهدف إلى إغلاق كل مكاتب «حماس» في لبنان وحظر أنشطتها المدنية والدينية والاجتماعية، وطرد أو إبعاد قياداتها من لبنان، ومنع أي مسؤول من حماس من الدخول إلى لبنان، وصولاً إلى اعتبارها منظّمة غير مشروعة، على غرار ما فعلت عدّة دول عربية.
خامساً: تعمل السعودية على القيادات في الشارع السنّي لخلق مناخ ضد حماس والمقاومة. وفي السياق، تعمل السعودية والإمارات بقوة على احتواء الجماعة الإسلامية في لبنان، وسط مساعٍ لشق صفوف الجماعة، على غرار ما فعلته السعودية بتنظيم «الإخوان» في اليمن، المعروف بحزب الإصلاح، حيث نجحت الرياض في استقطاب قيادات منه، بينما بقي آخرون على مسافة من مشاريع السعودية، ولهؤلاء موقفهم اليوم من المواجهة اليمنية الداخلية، خصوصاً في ضوء ما تقوم به حركة «أنصار الله» في دعم فلسطين. وتستغل السعودية كما الإمارات بعض التباين في المواقف بين قيادات الجماعة في لبنان، وسط مساعٍ لجذب بعض القيادات على خلفية معارضة القيادة الحالية برئاسة الشيخ طقوش، واتهامه بأنه يريد نقل الجماعة إلى حضن إيران وحماس. وقد برزت مساعٍ إضافية في هذا المجال بعد التغيير الكبير الذي حصل في سوريا.
في هذه الأثناء، بات واضحاً للجميع أن نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ هو من يدير الملف الخاص بإعادة ترتيب الأمور في لبنان، من ضمن برنامجه الكامل. وبدا واضحاً أن دور ياسر عباس، نجل رئيس السلطة هو دور مكمّل، وليس دوراً رئيسياً. والجهد يتركّز على أبواب كثيرة منها:
أولاً: إعادة تركيب الهيكلية الجديدة لكل أجهزة السلطة في لبنان، دبلوماسياً وأمنياً وداخل حركة فتح وفي إدارة جميع المؤسسات الأهلية التربوية والصحية التي تعود لها.
ثانياً: خلق برنامج عمل لبناء نظام أمني – إداري في لبنان، يكون مطابقاً لما هو قائم في الضفة الغربية، وبما يخدم الأجندة الخاصة بالتعاون والتنسيق مع إسرائيل ومع كل القوى والأنظمة الرافضة لفكرة وقوى المقاومة.
ثالثاً: العمل المكمّل لما تقوده إسرائيل من برنامج لضرب قوى المقاومة في لبنان، عبر تعزيز التيار الداعي إلى محاصرة فكرة وتيار المقاومة في مخيمات لبنان، والعمل على قطع أي صلة بينها وبين محور المقاومة.
رابعاً: العمل بقوة ضد حزب الله سواء داخل الوسط الفلسطيني، أو على صعيد الداخل اللبناني. وهناك مؤشرات إلى استعداد لدى السلطة الفلسطينية على توفير الدعم المالي واللوجستي وحتى الأمني لكل من هو اليوم في موقع المعارض لحزب الله والداعي إلى نزع سلاح المقاومة.
خامساً: بعد إعفاء أشرف دبور من مهمة السفير في بيروت، يجري العمل بقوة على إدخال تعديلات على الجوانب الأمنية والعسكرية. وقد تمّت ترقية ناصر العدوي، من رتبة عميد في المخابرات العامة الفلسطينية (يقودها ماجد فرج) إلى رتبة لواء، وتمّ تعيينه نائباً لرئيس المخابرات، في خطوة يهدف من خلالها حسين الشيخ إلى تمهيد التغيير وإطاحة فرج من منصبه. وطلب إلى العدوي الذي كان يتولى الملف الخارجي في المخابرات العامة، أن يوسّع من نشاطه في لبنان، وإدارة الجانب الأمني والاستخباراتي. وفي هذا السياق، اتّخذ قراراً عاجلاً بإعفاء الضابط محمد العمري من مهمة رئاسة «محطة بيروت» في المخابرات العامة الفلسطينية. لكن، طلب إليه مواصلة عمله، إنما من دون الصفة الرسمية، حيث يتولى الآن، إدارة برنامج تجنيد لعناصر فلسطينيين ولبنانيين يخدمون المشروع الأساسي في جمع المعلومات عن قوى المقاومة، سواء في المخيمات أو حتى ضد حزب الله أيضاً.
سادساً: يجري العمل على دعم ترشيح إبراهيم الخطيب (أحد الذين اتُّهموا بالتورط في جريمة اغتيال القائد الفلسطيني كمال مدحت) لأجل إدارة برنامج تدريب وتجنيد جيل جديد من شباب فتح في لبنان، وفق البرنامج الشهير «برنامج دايتون» والذي عمل به في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد اتفاقية أوسلو، على أمل إعداد عدد غير قليل من القيادات الشبابية قبل أن يتم تسليمها مهمة إدارة الساحة اللبنانية في حركة فتح.
الجناح الصحي ومشكلة أبو العينين
من المُنتظر أن ترسل رئاسة السلطة الفلسطينية خلال أيام قليلة، إلى بيروت، لجنة تحقيق في شبهات فساد تطاول مسؤولين في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. وهي لجنة ستعمل بعد اللجنة التي أوفدتها رام الله للتحقيق في شبهات تطاول السفارة الفلسطينية وقوات الأمن الوطني الفلسطيني. وخلصت إلى إعفاء السفير الفلسطيني أشرف دبور من مهامه مع طاقم أمنه، وتعيين السفير محمد الأسعد خلفاً له، إضافة إلى إعادة تشكيل قيادات القوات في المناطق.
تحقيقات اللجنة المنتظرة أسّست لها قرارات صدرت سابقاً عن الرئيس محمود عباس بإعفاء مسؤولين في الهلال الأحمر ومدراء المستشفيات التابعة لها. وأبرز الإعفاءات طاولت مدير مستشفى الهمشري في صيدا الدكتور رياض أبو العينين، نجل القيادي البارز في حركة فتح سلطان أبو العينين.
وأثارت الحملة ضد أبو العينين الابن اعتراضات كبيرة داخل حركة فتح، سواء في بيروت أو رام الله مروراً بالأردن، ما دفع والده أبو رياض إلى التدخل لدى نائب رئيس اللجنة التنفيذية في السلطة حسين الشيخ إلى تجميد قرار الملاحقة بحق نجله. وقد وعدت السلطة بتخفيف الضغط على أبو العينين الابن إكراماً للوالد الذي يعاني من حالة صحية صعبة.